*خواطر قرآنية «٧»*
✍ د. عبد الواحد الخميسي
قــــــــــال ربنا جل وعز: *{والوالدات يرضعن أولادهن حـولـين كاملـين لمـن أراد أن يتم الـرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضارَّ والدةٌ بولدها ولا مولودٌ له بولده...}* البقرة: ٢٣٣.
* قرئ الفعل «لا تضارُّ» بالرفع على أنه خبر يراد به النهي, و«لا» نافية بمعنى «ما». وبها قرأ ابن كثير, وأبو عمرو, ويعقوب وأبان عن عاصم.
* وقرئ أيضا بالنصب «لا تضارَّ» على النهي الصريح, و«لا» ناهية. وبها قرأ باقي السبعة. «حجة القراءات, للحموي: ١٣٦».
❍ *هذا,* والفعل «يضارّ» من حيث بناؤه لا يخلو من وجهين:
١ ـ أن يكون مبنيا للمعلومْ, والمعنى: لا تُضارِرْ والدةٌ مُطَلِّقَها بسبب إرضاعها له ولدَهُ, كأن تجحف عليه وترهقه بكثرة النفقة. ويؤيد هذا ما قرئ شاذا عن عكرمة: «لا تُضَارِرْ» بكسر الراء الأولى, وسكون الثانية.
٢ ـ أن يكون مبنيا للمجهول, والمعنى: لا تُضارَرْ والدةٌ من مطلِّقها بسبب إرضاعها لولده, كأن يقول لها: تنازلي عن نفقتك مقابل بقاء الولد عندك. ويؤيد هذا أيضا قراءة عمر, وابن عباس, ومجاهد «لا تُضَارَرْ» بفتح الراء الأولى, وسكون الثانية.
👈 ومن هذا الضرب المشترك ـ أيضا ـ قوله تعالى: *{ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ}* البقرة: ٢٨٢.
حيث إن الفعل *«يضار»* يحتمل وجهين:
١ ـ أن يكون مبنيا للمعلوم, أي: «ولا يُضَارِرْ» بكسر الراء الأولى, وسكون الثانية, والمعنى: ولا يضارِرْ الكاتبُ ولا الشاهدُ صاحبَ الحق أو المدينَ.
٢ ـ أن يكون مبنيا للمجهول أي: «ولا يُضَارَرْ» بفتح الراء الأولى, وسكون الثانية, والمعنى: لا يُضارَرْ الكاتبُ ولا الشاهدُ من قِبَل صاحب الحق أو المدين.
👈 والأولى الحمل على المعنيين معا, في هذه الآية والتي قبلها, وهو سرٌّ عظيمٌ من الأسرار اللغوية للقرآن الكريم.
*دمتم متدبرين لكتاب ربكم, أدام الله عزكم❥*