ينقسم الفعل إلى متعدٍّ، وإلى لازم .
فالمتعدّي عند الإطلاق:
ما يُجاوز الفاعل إلى المفعول به بنفسه، نحو حفظ محمدٌ الدرسَ. وهو يحتاج إلى فاعل يفعله ومفعولٍ به يقَع عليه. ويسمى أيضاً، "الفعلَ الواقعَ" لوقوعه على المفعول به، و"الفعلَ المجاوزَ" لمجاوزته الفاعل إلى المفعول به. وعلامته أَنْ يقبلَ هاء الضمير التي تعود إلى المفعول به، مثل: "اِجتهد الطالب فأكرمه أُستاذه".
(أما هاء الضمير التي تعود إلى الظرف، أو المصدر، فلا تكون دلالة على تعدي الفعل إن لحقته. فالاول مثل: "يوم الجمعة سرته"، والثاني مثل: "تَجَمَّلْ بالفضيلة تجمُّلاً كان يتجمَّله الأتقياء". فالهاء في المثال الاول في موضع نصب على انها مفعول فيه؛ وفي المثال الثاني في موضع نصب على انها مفعول مطلق). وأن يصاغ منه اسم مفعول تامّ؛ أي غير مقترن بحرف جَرّ أو ظرف، نحو: مضروب.
وهو على ثلاثة أقسام:
ما يتعدى إلى مفعول واحد: وهو كثير، نحو: حفِظَ محمّدٌ الدرسَ، وفهِمَ المسألةَ.
وما يتعدى إِلى مفعولين: إِما أن يكون أصلهما المبتدأ والخبر، وهو ظنّ وأخواتها، وإمَا لا، وهو أعطى وأخواتها.
وما يتعدى إلى ثلاثة مفاعيل: وهو باب أعلم وأرى.
وأسباب تعدي الفعل اللازم أصالةً ثمانيةٌ:
الأول: الهمزة كأكرم زيدٌ عمرا.
الثانى: التضعيف كفرَّحت زيدا.
الثالث: زيادة ألف المفاعلة، نحو: جالس زيد العلماء، وقد تقدمت.
الرابع: زيادة حرف الجرّ، نحو: ذهبت بِعَليٍّ.
الخامس: زيادة الهمزة والسين والتاء، نحو: استخرج زيد المال.
السادس: التَّضْمين النحوي، وهو أن تُشْرَب كلمةٌ لازمة معنى كلمة متعدية، لتتعدى تعديتها، نحو {وَلاَ تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الكِتَابُ أَجَلَهُ} ضُمِّن تعزموا معنى تنْوُوا، فعُدِّىَ تعديته.
السابع: حذف حرف الجرّ توسعًا، كقوله:
*تُمرُّونَ الدِّيارَ ولم تَعُوجوا * كلامُكمُ عَليَّ إِذَنْ حَرَامُ*
ويطِّرد حذفه مع أنَّ وَأنْ، نحو قوله تعالى: {شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إلَه إلاَّ هُو}، {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ}.
الثامن: تحويل اللازم إلى باب نَصَرَ لقصد المغالبة، نحو: قاعَدته فقعدته فأنا أقعُدُه، كما تقدم.
والحق أن تعدية الفعل سماعية، فما سُمعَتْ تعديته بحرف لا يجوز تعديته بغيره، وما لم تسمع تعديته لا يجوز أن يُعَدَّى بهذه الأسباب. وبعضهم جعل زيادة الهمزة في الثلاثي اللازم لقصد تعديته قياسًا مطردًا، كما تقدم.
واللازم: ما لم يجاوز الفاعل إِلى المفعول به ، مثل: "ذهب سعيدٌ، وسافر خالدٌ".
وهو يحتاجُ إلى الفاعل، ولا يحتاجُ إلى المفعول به، لأنه لا يخرج من نفس فاعلِه فيحتاجُ إلى مفعول به يَقعُ عليه.
ويُسمى أيضاً. (الفعلَ القاصرَ) - لقُصوره عن المفعول به، واقتصاره على الفاعل - و (الفعلَ غيرَ الواقع) - لأنه لا يقع على المفعول به - و (الفعل غيرَ المُجاوِزِ) لأنه لا يجَاوِزُ فاعلهُ.
متى يكون الفعل لازما؟
يكونُ الفعل لازماً: إذا كان من أفعال السجايا والغرائز، أَي الطبائع، وهي ما دَلّت على معنى قائم بالفاعل لازمٍ له - وذلك، مثل: "شَجع وجَبُنَ وحَسنُ وقَبحَ".
أو دلَّ على هيئة، مثل: طال وقصرَ وما أَشبه ذلك".
أو على نظافةٍ: كَطهر الثوبُ ونظُف.
أو على دنسٍ: كوسِخ الجسمُ ودنسَ وقذِر.
أو على عرضٍ غير لازمٍ ولا هو حركةٌ: كمرِض وكسِل ونشِط وفرح وحزن وشَبع وعطِش.
أو على لون: كاحمرَّ واخضرَّ وأدم.
أو على عيبٍ: كعَمش وعور.
أو على حلية: كنَجيل ودعج وكحل.
أو كان مُطاوعاً لفعلٍ مُتعدٍّ إلى واحد: كمددت الحبل فامتدَّ.
أو كان على وزن (فَعُل) - المضموم العينِ - كحسُن وشرُف وجمُل وكرُم.
أو على وزن (انفعل): كانكسر وانحطم وانطلق.
أو على وزن (افعلَّ): كاغبرَّ وازورَّ.
أو على وزن (افعالَّ): كادْهامَّ وازوارَّ.
أو على وزن (افعلَلَّ): كاقشعرَّ واطمأنَّ.
أو على وزن (افعنلل): كاحرنجم واقعنسس.
وأسباب لزوم الفعل المتعدِّي أصالةً خمسةٌ:
الأول: التّضمين، وهو أن تُشْرَبَ كلمةٌ متعدية معنى كلمة لازمة، لتصير مثلها، كقوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} ضُمِّن يخالف معنى يَخْرُج، فصار لازمًا مثله.
الثانى: تحويل الفعل المتعدى إلى فَعُل بضم العين، لقصد التعجب والمبالغة، نحو: ضَرُبَ زيدٌ؛ أي ما أضْرَبْه!
الثالث: صيرورته مطاوعًا، ككسرْتُه فانكسر، كما تقدم.
الرابع: ضعف العامل بتأخيره، كقوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ للِرُّؤيَا تَعْبُرونَ}.
الخامس: الضرورة، كقوله:
*تَبَلَتْ فُؤَادَكَ فى المَنَامِ خَرِيدَةٌ * تَسْقِي الَّضجيعَ بِبَارِدٍ بَسَّامِ*
أي: تَسْقِيهِ ريقًا باردًا.