أبوالطيب المتنبي شاعراً*
الدكتور : عبدالعزيز المقالح لا يعتريني أدنى شك في أن عنوان هذه التأملات سوف يثير مجموعة من أسئلة القراء المتابعين للشعر، وأن أول أسئلتهم سيكون: وما الجديد في حديث كهذا؛ فالمتنبي ليس شاعراً فحسب، بل هو أهم شعراء العرب على الإطلاق؟ وأنا أتفق معهم وأقول لا خلاف على مكانة المتنبي، لكن ما كتبه من شعر يتوزع بين الحكمة والنظم والشعر، فالعنوان إذاً يحاول لفت انتباه القراء إلى أن هذا البحث الموجز، الذي يشير العنوان إلى محتواه سيتناول هذا الجانب الأخير، وهو الشعر الذي يعطي للمتني صفه الشاعر لا صفة الحكيم أو الناظم المنطقي. وآمل أن أكون في هذه الإشارة التمهيدية قد تمكنت من توضيح حقيقة العنوان ودلالته، التي بدت غامضة بعض الشيء، وإذا كان شعر هذا المستوى عند المتنبي قليلاً فإنه عند الشعراء الآخرين يبدو أقل من القليل. ولا أنسى هنا الإشارة إلى أن ما دفعني إلى الاقتراب من هذا المنحى الشائك، هو تلك العبارة التي سادت في عصره وتواصل صداها إلى ما تلاه من عصور، وهي (أبو تمام والمتنبي حكيمان وإنما الشاعر البحتري)، وهي عبارة قطعية تسلب الشاعرين الكبيرين كل علاقة لهما بالشعر بمعناه الخاص والدقيق، ...